طرنك – تواجه شركة بورشه واحدة من أخطر الأزمات في تاريخها الحديث، بعدما دعت إدارتها الموظفين للاستعداد لجولة جديدة من إجراءات التقشف وتقليص التكاليف، في ظل وصف داخلي صريح بأن الوضع بات "خطيرًا" ويهدد استدامة نموذج العمل الذي طالما اعتمدت عليه الشركة الألمانية. تأتي هذه التطورات بينما تعصف الأزمات بقطاع السيارات الألماني، وسط تحديات تكنولوجية وجيوسياسية واقتصادية متزايدة.
نموذج عمل لم يعد صالحًا والضغوط تتصاعد
إدارة بورشه حذرت في خطاب داخلي من أن نموذج العمل القائم لم يعد ملائمًا للظروف الحالية، خاصة مع التدهور السريع في البيئة التشغيلية خلال فترة قصيرة. وكان قد تم الإعلان في فبراير الماضي عن خطة لتقليص 1900 وظيفة في إطار خفض أوسع للنفقات، بينما تعمل الشركة الأم فولكس فاجن على خطة أكثر شدة تستهدف الاستغناء عن 35 ألف وظيفة بحلول 2030. ويُرتقب أن تبدأ المفاوضات الداخلية في النصف الثاني من العام الجاري لتحديد ملامح مستقبل الشركة، لكن دون الكشف عن تفاصيل واضحة بشأن الخطوات المقبلة.
ضغوط الصين وأميركا تفاقم المأزق
الأزمة لدى بورشه تعمّقت مع الانخفاض الحاد في تسليمات السوق الصينية بنسبة 28% خلال النصف الأول من 2025، مما انعكس على المبيعات العالمية التي تراجعت بنسبة 6%. ولم تتوقف الضغوط عند هذا الحد، بل زادتها تعقيدًا الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما رفع تكلفة التصدير إلى الولايات المتحدة، إلى جانب ضعف الدولار أمام اليورو، وهو ما قلّص من تنافسية سيارات بورشه في أهم أسواقها العالمية.
السيارات الكهربائية.. تحديات وتكاليف مرتفعة
رغم محاولات التوسع في مجال السيارات الكهربائية، إلا أن إدارة بورشه أوضحت أن هذا التحول مكلف للغاية ولا يحقق الطلب المتوقع حتى الآن، مما يضع الشركة أمام تحديات مزدوجة بين كلفة الاستثمار في المستقبل وانخفاض الإقبال في الحاضر. هذا المأزق يهدد الإيرادات ويثقل كاهل الشركة بمزيد من الأعباء المالية في فترة هي الأكثر حساسية في تاريخها.
لحظة فارقة في تاريخ بورشه وقطاع السيارات الألماني
الأزمة التي تمر بها بورشه ليست مجرد تباطؤ مؤقت في الأداء، بل لحظة حاسمة قد تعيد تشكيل هوية الشركة بالكامل. قطاع السيارات الألماني، الذي كان لفترة طويلة عنوانًا للربحية والاستقرار، يواجه اليوم تحولات عميقة تحت ضغط التقدم التكنولوجي وتغيرات الاقتصاد العالمي. ويبقى السؤال الأبرز: هل تنجح بورشه في التكيف السريع مع هذه المتغيرات، أم أنها ستظل نموذجًا حادًا لأزمة التحول في صناعة تتغير أسرع مما تتوقع الشركات؟