تسعى شركات السيارات العالمية إلى مواكبة التحولات البيئية الكبرى وتطوير حلول تنقل مستدامة. وفي إطار هذه الجهود، أعلنت بي إم دبليو وتويوتا عن تحالف استراتيجي يهدف إلى تطوير مركبات تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني، مما يُشكل بديلاً نظيفاً للسيارات الكهربائية التقليدية. تأتي هذه الخطوة لتعزيز الخيارات البيئية في قطاع السيارات، حيث تسعى الشركتان إلى تسريع التحول نحو مستقبل أكثر استدامة.
تتمتع المركبات الهيدروجينية بالعديد من المزايا التي تجعلها منافساً قوياً للسيارات الكهربائية:
مدى قيادة طويل يسمح برحلات أطول دون الحاجة إلى الشحن المتكرر.
سرعة في التزود بالوقود تتراوح بين 3 إلى 4 دقائق.
انبعاثات شبه معدومة، حيث يتم إنتاج الماء كناتج ثانوي.
ومع ذلك، تواجه هذه التكنولوجيا بعض التحديات، مثل ارتفاع تكاليف البنية التحتية وقلة محطات التعبئة، الأمر الذي يتطلب استثمارات ضخمة لجعلها خياراً عملياً على نطاق أوسع.
تعتمد خلايا الوقود على إنتاج الكهرباء من خلال فصل الهيدروجين باستخدام محفز، بدلاً من الاعتماد على بطاريات الشحن المستخدمة في السيارات الكهربائية. يشغّل المحرك الكهربائي المركبة، تماماً كما في السيارات الكهربائية، لكن مع ميزة التزود بالوقود السريع وتوفير مدى قيادة أطول.
تمتلك بي إم دبليو تجربة سابقة في هذا المجال مع طراز iX5 Hydrogen الذي حقق نجاحاً ملموساً في تجاربه. يتمتع هذا النموذج بمدى قيادة يصل إلى 500 كم، ويمكن تعبئته خلال دقائق، ما يجعله خياراً عملياً للرحلات الطويلة. كما تعمل بي إم دبليو حالياً على تطوير نماذج إضافية تعتمد على خلايا الوقود إلى جانب السيارات الكهربائية ذات البطاريات، في إطار استراتيجيتها للتحول الأخضر.
تُعد تويوتا من الرواد في تطوير تكنولوجيا خلايا الوقود الهيدروجيني، خاصة من خلال طرازها Mirai، وهي من أولى السيارات التجارية التي تعتمد على هذه التقنية. ومن خلال شراكتها مع بي إم دبليو، تأمل تويوتا في تعزيز الإنتاج وتخفيض التكاليف عبر تطوير وحدات قيادة مشتركة، ما يجعل التكنولوجيا متاحة بأسعار معقولة للسيارات الركاب والنماذج التجارية على حد سواء.
رغم الإمكانيات الواعدة للمركبات الهيدروجينية، إلا أن هناك عقبات بنيوية تعترض انتشارها على نطاق واسع، أبرزها غياب البنية التحتية المتكاملة. ومع ذلك، تراهن بي إم دبليو على أن هذه التحديات ستُحل بحلول عام 2028، مما سيفتح الباب لتوسيع نطاق هذه التكنولوجيا وتبنيها بشكل أوسع.
صرّح أوليفر زيبسي، الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو، بأن السيارة الجديدة المزمع إنتاجها ستنضم إلى تشكيلة الشركة بمحرك يعتمد على خلايا الوقود، موضحاً أن "هذه التكنولوجيا تُظهر كيف يمكن للتقدم التقني أن يصيغ مستقبل التنقل". وأكد زيبسي أن التعاون مع تويوتا سيسهم في تقليل التكاليف وتسريع عمليات التطوير، مما سيجعل السيارات الهيدروجينية خياراً قابلاً للتطبيق ليس فقط في الأسواق الاستهلاكية، بل أيضاً في القطاعات التجارية.
يُنظر إلى تكنولوجيا الهيدروجين كجزء أساسي من خطط الشركات الكبرى للتحول نحو التنقل المستدام. ومع ازدياد إطلاق طرازات جديدة تعتمد على خلايا الوقود من شركات مختلفة حول العالم، يتزايد التوقع بأن النقل الهيدروجيني قد يصبح أحد الركائز الأساسية للتنقل في المستقبل.
ومع استمرار الابتكار والاستثمار في هذا المجال، سيكون من المثير مراقبة ما إذا كان التحول إلى المركبات الهيدروجينية سيحدث ثورة حقيقية في صناعة السيارات، ويفتح الباب أمام مستقبل يوازن بين الأداء والبيئة بشكل مثالي.
4o